
🌿رافعة لجودة التعلمات الأولى
يُعدّ التعليم الأولي اليوم في المغرب مدخلاً أساسياً لإصلاح المنظومة التربوية الوطنية، باعتباره المرحلة التي تُبنى فيها الدعائم الأولى للتعلم، وتتشكّل خلالها ملامح شخصية الطفل المستقبلية. وفي قلب هذا المشروع التربوي الوطني الطموح، يبرز فضاء المربي والمربية كرافعة محورية لدعم الكفاءات والمهارات، وتجويد الممارسات التربوية داخل القسم، وترسيخ ثقافة التكوين الذاتي والمستمر والمواكبة الدائمة.
🌸 فضاء للتفاعل والتطوير المهني
يُعتبر فضاء المربي والمربية في التعليم الأولي مجالاً مهنياً مفتوحاً للتفاعل وتبادل الخبرات بين الأطر التربوية من مربيات ومربين، يُتيح لهم الاطلاع على أحدث المستجدات الديداكتيكية والبيداغوجية والتنظيمية، والانخراط في دينامية التكوين المستمر.
ويُسهم هذا الفضاء في تعزيز مكانة المربي والمربية باعتبارهما فاعلين أساسيين في تنمية الطفل معرفياً ووجدانياً ونفسياً، وليس مجرد منفذين للأنشطة التعليمية.
🎯 أهداف وغايات الفضاء
يندرج إحداث هذا الفضاء ضمن الرؤية الوطنية الرامية إلى تجويد التعلمات والارتقاء بجودة التعليم الأولي، عبر تحقيق مجموعة من الأهداف العملية، من أبرزها:
- الرفع من كفاءات المربيات والمربين على المستويات البيداغوجية والتواصلية والمعرفية.
- تمكينهم من الأدوات والوسائل الحديثة المواكبة للحياة الصفية في فضاءات التعليم الأولي.
- خلق قنوات دائمة للتواصل والتنسيق بين المربين والمؤطرين والمشرفين التربويين، وتبادل التجارب حول الطفولة المبكرة وأساليب التربية الحديثة.
- ترسيخ ثقافة التقويم الذاتي والتطوير المهني المستمر، قصد الرفع من الأداء والمردودية داخل القسم.
🧩 مجالات العمل داخل الفضاء
تتوزع مجالات الاشتغال داخل فضاء المربي والمربية على محاور مترابطة ومتناسقة، من أبرزها:
🔹 التكوين المستمر
تنظيم ورشات ولقاءات تربوية وموضوعاتية حول تقنيات التنشيط والعمل بالمجموعات، وأساليب التعامل مع الأطفال وأوليائهم، وكيفية التنسيق مع مختلف المتدخلين في الشأن التربوي، بما يضمن بناء ممارسات فعّالة داخل القسم.
🔹 التأطير والمواكبة
يُعدّ التأطير الميداني والدعم النفسي من المحاور الأساسية لنجاح المربين والمربيات، حيث يُواكبهم المشرفون التربويون من خلال زيارات صفّية منتظمة، ومواكبات فردية وجماعية تهدف إلى تطوير المهارات المهنية والمعرفية.
🔹 إنتاج وتبادل الموارد
يُتيح هذا الفضاء للمربين والمربيات فرصة تبادل دلائل الأنشطة وشبكات التقويم والوسائط التعليمية الرقمية (كالأناشيد، والقصص، والعديات…) بما يُغني الممارسة الصفية ويحفز الإبداع.
🔹 الدعم النفسي والتحفيزي
يُعتبر الدعم النفسي ركيزة أساسية لخلق بيئة تربوية إيجابية تُعزز الانتماء للمشروع التربوي الوطني، حيث يشعر المربي والمربية بأنهما جزء من أسرة تربوية متماسكة ومندمجة.
🌼 قيم الفضاء ومبادئه
يرتكز فضاء المربي والمربية على منظومة من القيم التربوية والمهنية، من أهمها:
- التشارك والتعاون في بناء الممارسات المبتكرة؛
- الابتكار والإبداع في الأنشطة التعليمية؛
- الالتزام برسالة التربية النبيلة التي تعنى بالطفولة المبكرة (من 4 إلى 6 سنوات)، وتعمل على صقل المواهب وتنمية القدرات المعرفية والوجدانية؛
- الاعتراف بالكفاءة والمجهود وتشجيع روح البحث والممارسة الميدانية الرصينة.
🌍 تحديات وآفاق مستقبلية
رغم المكتسبات المحققة، ما زالت أمام فضاء المربي والمربية تحديات كبرى تتطلب تعزيـز الدعم المؤسساتي، وتوفير التجهيزات والوسائط التربوية والرقمية الحديثة، بما يُمكّن الأطر التربوية من أداء مهامها بأفضل الشروط.
كما أن المستقبل يستدعي مزيداً من التنسيق بين الشركاء المحليين والجهويين والوطنيين والدوليين لضمان استدامة التكوين، وتحسين ظروف العمل، وإرساء ثقافة مهنية قائمة على البحث والتجريب والابتكار.
🏁 خاتمة
إن فضاء المربي والمربية في التعليم الأولي ليس مجرد مكان للتكوين أو الاجتماعات، بل هو نواة لمجتمع تربوي متجدد، يتقاسم القيم ويصنع الكفاءات، ويساهم في بناء جيل مبدع ومتزن، قادر على مواكبة تحديات المستقبل بروح مسؤولة ومنفتحة.
إنه استثمار في الإنسان منذ طفولته الأولى، واستشراف لمغربٍ يضع التعليم والتربية في صلب مشروعه التنموي والحضاري.
✍️ إعداد: صونيا حريم
📍 موقع التعليم الأولي – المغرب
🗓️ نونبر 2025