دور مربي ومربية التعليم الأولي

👩‍🏫العمود الفقري لبناء الطفولة المغربية

يُعتبر المربّون والمربّيات حجر الزاوية في منظومة التعليم الأولي، فهم البوصلة التي تُوجّه نمو الطفل في سنواته الأولى، واليد الحانية التي تُمسك بيده في أولى خطواته نحو عالم المعرفة والاكتشاف.
ففي الوقت الذي يُنظر فيه إلى التعليم الأولي كمرحلة تحضيرية بسيطة، تُؤكد الدراسات التربوية الحديثة أن دور المربين في هذه المرحلة لا يقل أهمية عن دور أساتذة التعليم الابتدائي أو الثانوي، بل يتطلب مهارة خاصة تجمع بين الحس التربوي، والمعرفة النفسية، والقدرة على الإبداع والتواصل.


🌱 التعليم الأولي… بداية التكوين الإنساني

يمثل التعليم الأولي في المغرب المرحلة الأولى من النظام التربوي، حيث يلتحق به الأطفال ما بين 4 و6 سنوات، وهي فترة حساسة في نموهم الذهني والعاطفي والاجتماعي.
وتسعى هذه المرحلة إلى تحقيق توازن شامل في شخصية الطفل، من خلال تنمية قدراته اللغوية، الحركية، الحسية، والاجتماعية، مع تعويده على الانضباط والاندماج في الجماعة.

ولذلك، فإن نجاح أي مشروع للتعليم الأولي يمر حتمًا عبر جودة المربين والمربيات، ومدى تكوينهم وتأهيلهم للقيام بأدوارهم التربوية المتعددة.


👩‍🏫 أدوار المربيات والمربين في التعليم الأولي

1. الدور التربوي والتكويني

يقوم المربي بدور محوري في غرس القيم والسلوكيات الإيجابية في نفوس الأطفال، كاحترام الآخر، التعاون، النظام، والنظافة.
فهو القدوة التي يقتدي بها الطفل يوميًا، والمعلم الأول الذي يعلّمه كيف يتعامل مع ذاته ومع الآخرين في بيئة مدرسية مصغرة تمثل أول احتكاك له بالمجتمع.

2. الدور البيداغوجي

يُشرف المربي على تنفيذ الأنشطة التعليمية المقررة في المشاريع الموضوعاتية، ويُراعي في ذلك الفوارق الفردية بين الأطفال، ويعتمد أساليب تربوية حديثة قائمة على اللعب، والاكتشاف، والتجريب.
كما يسهر على تهيئة فضاء القسم بشكل محفز، من خلال زوايا متنوعة (زاوية القراءة، الفن، البناء، الطبيعة…) تُشجع الطفل على التعلم الذاتي والمبادرة.

3. الدور النفسي والاجتماعي

يُعد المربي في التعليم الأولي أقرب شخص للطفل بعد أسرته، لذلك فهو يتحمل مسؤولية دعم نموه العاطفي والنفسي.
ويعمل على اكتشاف القدرات والمواهب الفردية لكل طفل، ويشجعهم على التعبير عن أنفسهم بثقة، مما يُنمي شعورهم بالانتماء والتميز.

4. الدور الاتصالي والتواصلي

التواصل مع أولياء الأمور عنصر أساسي في نجاح العملية التربوية.
فالمربي يُطلع الأسر على مستوى تقدم أطفالهم، ويُشجعهم على متابعة التعلم المنزلي، كما يُشارك في الأنشطة المفتوحة والاجتماعات التربوية التي تُرسخ العلاقة بين الروض والأسرة.

5. الدور الإبداعي والثقافي

لا يقتصر عمل المربي على تلقين المهارات الأكاديمية، بل يتعداه إلى تنمية الذوق الجمالي لدى الطفل، من خلال الأنشطة الفنية، والموسيقية، والدرامية.
فالإبداع في التعليم الأولي هو وسيلة لتفجير طاقات الطفل، وإعداده ليكون إنسانًا متفتحًا، متوازنًا، وواثقًا من نفسه.


🎓 تكوين المربين والمربيات… أساس الجودة

لقد أصبحت مسألة تكوين وتأهيل المربيات والمربين أحد الرهانات الكبرى للإصلاح التربوي في المغرب، خاصة بعد إدماج التعليم الأولي ضمن المشاريع الاستراتيجية للوزارة.
ويُعد التكوين المستمر الوسيلة الأنجع لتحديث الممارسات التربوية، وتمكين المربين من أدوات بيداغوجية ملائمة لاحتياجات الطفولة المبكرة.

تتولى المؤسسة المغربية للنهوض بالتعليم الأولي، إلى جانب الأكاديميات الجهوية، إعداد برامج تكوين نظري وتطبيقي، تشمل مجالات مثل:

  • سيكولوجيا الطفل.
  • تدبير الفضاء التربوي.
  • التخطيط للمشاريع الموضوعاتية.
  • التواصل مع الأسر.
  • إدماج اللعب في التعلم.

ويُعتبر الاستثمار في المربين والمربيات استثمارًا في جودة التعليم الأولي، لأنهم العنصر البشري الذي يُجسد السياسات التربوية على أرض الواقع.


👩‍🏫رؤية جديدة لمهنة المربي في المغرب

إن المربي في التعليم الأولي لم يعد مجرد “حاضن” للأطفال، بل أصبح مهنيًا تربويًا مؤهلًا يضطلع بأدوار دقيقة تتطلب مهارات علمية وإنسانية متكاملة.
ولكي نحافظ على جاذبية هذه المهنة، يجب الارتقاء بمكانتها الاعتبارية، وتوفير مسارات مهنية واضحة، وفرص للتطور المستمر.

كما أن المربيات والمربين مطالبون بتجديد أساليبهم، والانفتاح على تكنولوجيات التعليم، واعتماد مقاربات تربوية معاصرة تراعي الطفل ككائن فاعل في عملية التعلم وليس مجرد متلقٍ سلبي.


✨ خلاصة

يُشكل المربون والمربيات القلب النابض لقطاع التعليم الأولي، والضمانة الحقيقية لنجاحه واستدامته.
فبفضل إخلاصهم وصبرهم وابتسامتهم اليومية، يتحول القسم إلى فضاء للحياة والفرح والاكتشاف.
إنهم جنود الطفولة الصامتون، الذين يزرعون في أذهان الأطفال بذور الثقة، وفي قلوبهم حب التعلم والانتماء.

ولذلك، فإن دعمهم وتقديرهم ليس مجرد واجب مهني، بل استثمار في مستقبل الوطن.


✍️ إعداد: فؤاد لحليمي
📍 موقع التعليم الأولي – المغرب
🗓️ فبراير 2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal