التعليم الأولي بالمغرب

التعليم الأولي في المغرب: ركيزة أساسية لبناء جيل الغد

يُعد التعليم الأولي أو ما يُعرف بالتعليم ما قبل الابتدائي، الخطوة الأولى في مسار بناء الإنسان، وأحد الأسس الجوهرية لتنشئة الأجيال القادمة على القيم والمعرفة والقدرة على التفاعل الإيجابي مع المجتمع.
في المغرب، يشهد هذا القطاع الحيوي تطورًا متسارعًا خلال السنوات الأخيرة، بفضل العناية الملكية السامية والاهتمام المتزايد من قبل وزارة التربية الوطنية والمؤسسة المغربية للتعليم الأولي، في إطار المشروع الوطني الطموح لتعميم وتطوير التعليم الأولي.


🔹 ما هو التعليم الأولي؟

التعليم الأولي هو المرحلة التربوية التي تستقبل الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين أربع وست سنوات، حيث تهدف المؤسسات المحتضنة لهذه الفئة إلى ضمان تكافؤ الفرص بين جميع الأطفال المغاربة قبل التحاقهم بالتعليم الابتدائي.
تُركز هذه المرحلة على تنمية قدرات الطفل الجسدية والعقلية والوجدانية، ومساعدته على اكتساب مهارات التواصل، والتعبير، والتفاعل مع محيطه الاجتماعي بطريقة صحية ومتوازنة.

ويُعتبر التعليم الأولي بمثابة المدخل الحقيقي للنجاح المدرسي، لأنه يضع الأسس الأولى للتعلم الذاتي، ويغرس في الطفل حب المعرفة والانضباط وروح المشاركة.


🔹 مفهوم التعليم ما قبل المدرسة

يُستخدم مصطلح التعليم ما قبل المدرسة أو رياض الأطفال للإشارة إلى المؤسسات التربوية التي تستقبل الأطفال قبل بلوغهم سن التعليم الإلزامي.
يتميز هذا النوع من التعليم بأنه مرن وشخصي، إذ يُراعي الخصوصيات العمرية والنفسية لكل طفل، ويعتمد على اللعب، والأنشطة الفنية، والحركية، والتعبير الشفوي، كوسائل أساسية لاكتساب المهارات الأولية في الكتابة، والقراءة، والحساب.

كما يُعد التعليم ما قبل المدرسة مرحلة تحضيرية للالتحاق بالتعليم الابتدائي، إذ يُساعد الأطفال على التكيف مع الوسط المدرسي، وفهم قواعد العيش المشترك، واحترام الآخر، وتنمية روح التعاون داخل المجموعة.


🔹 أهمية التعليم الأولي في حياة الطفل

يُجمع الخبراء في علم النفس والتربية على أن السنوات الأولى من عمر الطفل هي المرحلة الذهبية للتعلم، حيث تتشكل خلالها ملامح الشخصية والقدرات الإدراكية والاجتماعية.
ومن أبرز أهداف التعليم الأولي في المغرب ما يلي:

  1. تنمية المهارات المعرفية:
    تعزيز قدرات الطفل في اللغة، والتفكير المنطقي، والحساب، والتعبير الفني والإبداعي.
  2. التنشئة الاجتماعية:
    مساعدة الطفل على الاندماج في محيطه، والتفاعل مع الآخرين، واكتساب القيم الاجتماعية والأخلاقية.
  3. التحضير للمرحلة الابتدائية:
    تمكين الأطفال من مهارات التهيؤ النفسي والتربوي لدخول المدرسة بثقة واستقلالية.
  4. بناء الشخصية المتوازنة:
    غرس قيم الاحترام، والمواطنة، وحب العمل، وتنمية حس المسؤولية منذ الصغر.

🔹 أهداف التعليم الأولي في المغرب

وضعت الحكومة المغربية، منذ سنة 2018، استراتيجية وطنية شاملة تروم تعميم التعليم الأولي وتطوير جودته في مختلف جهات المملكة.
وتتمثل أبرز الأهداف في:

  • تعميم التعليم الأولي: ضمان استفادة جميع الأطفال في سن ما قبل المدرسة من عرض تربوي منصف وجيد.
  • تحسين الجودة: من خلال تطوير المناهج، وتجهيز المؤسسات التربوية، وتأهيل المربين ميدانيًا وبيداغوجيًا.
  • تحفيز الشراكات: عبر انخراط الجماعات الترابية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص في تمويل وتدبير التعليم الأولي.
  • التكوين المستمر: إعداد برامج لتقوية قدرات المربين والمربيات بما يواكب المستجدات التربوية والعلمية.

🔹 التحديات التي تواجه التعليم الأولي في المغرب

رغم التقدم الملحوظ، ما زال القطاع يواجه مجموعة من الإكراهات والتحديات التي تعيق تعميمه بالشكل الأمثل، من أبرزها:

  • نقص الموارد المالية والبشرية خاصة في المناطق القروية والجبلية.
  • تفاوت الجودة بين الوسطين الحضري والقروي بسبب ضعف التجهيزات أو غياب التأطير المنتظم.
  • ارتفاع نسبة الأطفال غير المسجلين في التعليم الأولي، نتيجة البعد الجغرافي أو الوضعية الاجتماعية للأسر.

🔹 آفاق واستراتيجيات تطوير التعليم الأولي

لتحقيق نهضة حقيقية في التعليم الأولي بالمغرب، يجب اعتماد مجموعة من الاستراتيجيات العملية، من أهمها:

  1. زيادة الاستثمارات في البنيات التحتية وتجهيز الوحدات التربوية الجديدة.
  2. الارتقاء بالتكوين من خلال اعتماد مسارات مهنية للمربين وتطوير محتوى التكوين المستمر.
  3. تطوير المناهج لتتماشى مع حاجيات الطفل المغربي ومحيطه الثقافي والاجتماعي.
  4. توسيع الشراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص لتأمين الدعم المالي واللوجستي اللازم.

🔹 التعليم الأولي… استثمار في المستقبل

يُعد التعليم الأولي أكثر من مجرد مرحلة تعليمية؛ إنه استثمار استراتيجي في الإنسان المغربي.
فمن خلال تهيئة بيئة تعليمية محفزة وآمنة للأطفال في سن مبكرة، نُسهم في بناء جيل منفتح، واثق، ومؤهل لمواجهة تحديات العصر.

إن كل طفل يُمنح فرصة التعلم المبكر هو مشروع لمواطن فاعل في مجتمعه، يملك الأدوات الضرورية للإبداع والتفكير المستقل.
ولهذا، فإن النهوض بالتعليم الأولي هو رهان مجتمعي بامتياز، ومسؤولية جماعية تتقاسمها الدولة، والأسر، والمجتمع المدني، وكل الغيورين على مستقبل الوطن.


✍️ إعداد: فؤاد لحليمي
📍 الموقع: بوابة التعليم الأولي المغربية – Pre-Scolaire.com
📅 تاريخ النشر: 27 يناير 2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal