تخليد الأعياد الوطنية والأيام الدولية في التعليم الأولي

🎉 مدخل لترسيخ القيم وتعزيز الانتماء

🔹 مقدمة

يُعتبر التعليم الأولي أول لبنة في مسار التربية والتكوين، فهو المرحلة التي تتشكل فيها الملامح الأولى لشخصية الطفل، وتُغرس فيها القيم والمعاني التي ترافقه طيلة حياته.
ومن بين أهم الوسائل التربوية التي يعتمدها الفاعلون في هذا المستوى نجد تخليد الأعياد الوطنية والأيام الدولية داخل الفضاء التربوي، باعتبارها مناسبات رمزية وتربوية تُجسد ارتباط الطفل بهويته الوطنية وبالمنظومة القيمية الكونية التي تؤمن بالتضامن، والسلم، والمواطنة الإيجابية.


🔹 أولاً: الأعياد الوطنية… ترسيخ الهوية وبناء الانتماء

تحتل الأعياد الوطنية في المغرب، مثل عيد الاستقلال، عيد العرش، المسيرة الخضراء، عيد الشباب وغيرها، مكانة خاصة في وجدان المغاربة.
وبالنسبة للطفل في التعليم الأولي، فإن الاحتفال بهذه المناسبات يشكل مدخلاً تربوياً لبناء الشعور بالانتماء للوطن وتنمية الإحساس بالفخر بالرموز الوطنية.
فمن خلال الأنشطة البسيطة (أناشيد، رسومات، حكايات مصورة، أركان رمزية بالعلم الوطني وصور الملك)، يعيش الطفل تجربة وجدانية تربط بين التعلم والقيم في جو من الفرح الجماعي والمشاركة.

تخليد الأعياد الوطنية في هذه المرحلة لا يعني تقديم دروس في التاريخ أو السياسة، بل هو ترجمة حسية لقيم المواطنة مثل حب الوطن، احترام رموزه، تقدير تاريخه، والاعتزاز بالهوية المغربية المتعددة الروافد.
كما تتيح هذه اللحظات للمربين فرصة لدمج مفاهيم الهوية والانتماء ضمن الأنشطة اليومية، بطريقة غير تلقينية ولكن غنية بالمواقف والمشاعر.


🔹 ثانياً: الأيام الدولية… مدخل للتربية على القيم الإنسانية

إلى جانب الأعياد الوطنية، تشكل الأيام الدولية (مثل اليوم العالمي للطفل، اليوم العالمي للمرأة، يوم الأرض، اليوم العالمي للماء…) فرصاً تربوية ثمينة لتوسيع أفق الطفل وتعريفه بالعالم من حوله.
من خلال هذه المناسبات، يتعلم الطفل أن قيم الاحترام، والتعاون، وحماية البيئة، والمساواة هي قيم مشتركة بين جميع الناس، وأنه جزء من عالم واسع يسوده التنوع والتكامل.

هذه الأنشطة تُنمّي لدى الطفل الوعي الكوني والقدرة على التعاطف والانفتاح على الآخر، في انسجام تام مع التوجهات الجديدة للمنهاج التربوي المغربي، الذي يدعو إلى إعداد طفل متوازن، منفتح، ومتفاعل إيجابياً مع محيطه المحلي والإنساني.


🔹 ثالثاً: البعد البيداغوجي والوجداني في تخليد المناسبات

تخليد المناسبات الوطنية والدولية في التعليم الأولي لا يُقصد به فقط الجانب الاحتفالي، بل هو موقف تربوي منظم يدمج التعلم بالمتعة والوجدان.
فالأنشطة المرتبطة بهذه المناسبات (ورشات الرسم، تزيين القسم بالأعلام، الغناء الجماعي، الألعاب التعبيرية، العروض المصغرة…) تُسهم في تطوير مهارات متعددة لدى الأطفال:

  • المهارات اللغوية: عبر ترديد الأناشيد والتعبير الشفوي.
  • المهارات الحركية: من خلال الأنشطة الفنية والحركية الجماعية.
  • المهارات الاجتماعية: بتعلم العمل ضمن فريق واحترام الآخر.
  • المهارات الوجدانية: عبر تنمية الإحساس بالفخر والاعتزاز والانتماء.

إن الطفل الذي يحتفل بالعلم الوطني، أو يشارك في نشاط عن “يوم البيئة”، يتعلم بطريقة غير مباشرة معاني الحب، والمسؤولية، والاحترام.


🔹 رابعاً: دور المربي والمربية في تفعيل هذه المناسبات

يبقى المربي(ة) محور نجاح هذه الأنشطة، من خلال التخطيط البيداغوجي المسبق والربط بين المناسبة وأهداف التعلم.
فعلى سبيل المثال:

  • يمكن أن يُربط عيد المسيرة الخضراء بمفهوم التعاون والعمل الجماعي.
  • أو يُربط اليوم العالمي للماء بموضوع المحافظة على الموارد الطبيعية.
  • أو يُستثمر عيد الاستقلال لغرس مفهوم الحرية والمسؤولية.

كما يُشجع المربي الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم المرتبطة بالمناسبة، مما يخلق جواً من المشاركة الفعلية ويُحول المناسبة إلى تعلم حيّ وتجريبي.


🔹 خامساً: نحو ثقافة تربوية مبنية على الذاكرة والانفتاح

إن إدماج الأعياد الوطنية والأيام الدولية في البرنامج التربوي بالتعليم الأولي يساهم في بناء ذاكرة جماعية مشتركة لدى الأطفال، تُنمي فيهم قيم الوطنية والإنسانية في آنٍ واحد.
فالطفل الذي يتعلم أن يفرح لوطنه، وأن يتعاطف مع الآخر، وأن يحترم الطبيعة، هو طفل مهيأ ليكون مواطناً صالحاً وإنساناً فاعلاً في مجتمعه وفي العالم.


🔹 خاتمة

إن تخليد الأعياد الوطنية والأيام الدولية في التعليم الأولي ليس ترفاً احتفالياً، بل هو اختيار تربوي هادف، يروم إعداد جيلٍ متشبع بروح المواطنة، معتز بهويته، ومنفتح على القيم الإنسانية المشتركة.
ومن خلال هذه الممارسات البسيطة في ظاهرها، العميقة في أثرها، نُسهم في بناء لبنات شخصية مغربية متوازنة، قادرة على الجمع بين حب الوطن والإنسانية الكونية.

✍️ إعداد: جمانة الإدريسي
📍 الموقع: بوابة التعليم الأولي المغربية – Pre-Scolaire.com
📅 تاريخ النشر: 6 شتنبر 2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Review Your Cart
0
Add Coupon Code
Subtotal